ماذا تعرف عن اليهود الاشكناز والسفارديم
ورد الاسم "سفارد"
في العهد القديم على أنه اسم لإقليم آسيوي يرجح أنه شمال فلسطين (عوبديا 1: 20).
وفي العصور الوسطى أطلق هذا الاسم على أسبانيا وسمي به يهود أسبانيا وذريتهم أينما
أقاموا. ثم تم تخصيص هذا الاسم لليهود الذين طردوا من أسبانيا عام 1492م، واستقروا
في الشمال الأفريقي وبخاصة في المغرب أو الذين استقروا منهم في إيطاليا ومصر
وفلسطين وسوريا وفي البلقان وفي الأقاليم الوسطى من بلاد الخلافة العثمانية وبخاصة
في سلونيكا والقسطنطينية. وتُستخدَم الكلمة في الوقت الحاضر للإشارة إلى اليهود
الذين عاشوا أصلاً في إسبانيا والبرتغال، مقابل الإشكناز الذين كانوا يعيشون في
ألمانيا وفرنسا ومعظم أوربا. وكان اليهود الذين عاشوا في العالم العربي والإسلامي يتحدثون العربية ويفكرون ويكتبون
بها، وعندما سقطت الأندلس، اكتسب اليهود
الصبغة الإسبانية وتحدثوا باللادينو، وهي لهجة إسبانية. ويُعَدُّ ميناء سالونيكا
(في شبه الجزيرة اليونانية) عاصمة السفارد في العالم حتى الحرب العالمية الأولى،
فقد كانت هذه المدينة تضم أغلبية سفاردية. ومن أهم المدن الأخرى التي استقر فيها
السفارد في الدولة العثمانية: أدرنة والأستانة وصفد والقدس والقاهرة. ويُطلَق
المصطلح الآن على كل اليهود الذين لا ينتمون إلى أصل إشكنازي غربي في التجمع
الإسرائيلي.
ويجب أن نشير إلى أن التسمية
العامة ليهود الشرق وهي السفارديم لا تنطبق في الحقيقة على اليهود الأصليين في
العالم العربي والإسلامي، فهؤلاء أصولهم عربية وليست سفاردية إسبانية. حيث إن وصول
اليهود السفارديم إلى بعض البلدان العربية والإسلامية قد حدث متأخرًا في التاريخ
وبالتحديد بعد طرد اليهود الأسبان "السفارديم" من أسبانيا عام 1492م حيث
اتجهوا إلى البلدان الإسلامية وإلى بلدان شمال أفريقيا وبلدان الخلافة العثمانية.
ولذلك يجب أن نميز داخل العالم العربي والإسلامي بين نوعين من اليهود الشرقين:
اليهود العرب الأصليين واليهود السفارديم الأسبان الذين هاجروا إلى البلدان
العربية والإسلامية، وقد تبني هذا الرأي أيضًا الناقد الإسرائيلي يوسف أورن.
فالقاعدة إذن أنه ليس كل اليهود السفارديم شرقيين وليس كل اليهود الشرقيين سفارد.
وفي مقابل اليهود السفارديم نجد اليهود
الاشكنازيم، وهم يهود الغرب وأمريكا وشرق أوربا، وقد ورد الاسم "اشكناز"
في العهد القديم في عدة مواضع منها (التكوين 10: 3)، (إرميا 51: 27) وأطلق منذ
القرن التاسع الميلادي على اليهود الألمان حيث سمي اليهود الألمان وذريتهم
"اشكنازيم" في مقابل مصطلح "سفارديم الذين أطلق على اليهود
الأسبان. وقد هاجر اليهود الاشكناز بعد الحروب الصليبية إلى بلدان أوربا الشرقية،
وفي مرحلة متأخرة هاجروا إلى بلدان أوربا الغربية ثم إلى أمريكا. ويختلفون عن
السفارديم في اللغة حيث كانوا يتحدثون الييدش كما يختلفون عنهم في الشعائر الدينية
وفي التراث الديني والذي يقترب من التراث الديني الفلسطيني بينما يقترب التراث
السفاردي من التراث الديني البابلي. وقد بلغت نسبة اليهود الاشكناز قبل عام 1933 إلى
90% من تعداد اليهود في العالم؛ أي حوالي 15 مليون يهوديًا.
ويسيطر اليهود الاشكناز على الحياة السياسية
والعسكرية في إسرائيل، ولأنهم يتمتعون بوضع ثقافي متميز فهم يسيطرون أيضًا على
الحياة الفكرية والتعليمية وعلى الحركة الأدبية والفنية.
وقد كان السفارد قديما يُصرّون على
الاحتفاظ بمسافة بينهم وبين الإشكناز، الذين كانوا يتسمون بقدر كبير من العزلة
والتخلف الحضاريين. وأخذت هذه المسـافة شـكل مؤسـسات دينية وتعليمية مستقلة، ورفض
الزواج المُختلَط من الإشكناز، حتى أن السفاردي الذي يتزوج من إشكنازية كان يُطرَد
من الجماعة السفاردية ولا يُدفَن في مدافنها. وحينما كانت الجماعة السفاردية تضطر
إلى السماح لبعض الإشكناز بحضور الصلوات في معبدها، فإن أعضاءها كانوا يصلون وراء
حاجز خشبي يُقام بهدف الفصل بين أعضاء الجماعتين. وحينما كانت أية جماعة سفاردية
تهاجر إلى أية مدينة، فإنها كانت تحتفظ باستقلالها وبإحساسها بتَفوُّقها
وتَفوُّق قيمها، حتى أنها كانت تصبغ بقية الجماعة بصبغة سفاردية.
وقد تَدهَور وضع اليهود السفارد، بعد أن كانوا الأكثر عدداً والأعلى
مكانة والأكثر ثقافة. ففي العصور الوسطى، كانوا يشكلون نصف يهود العالم، وكانوا
على احتكاك بمؤسسات صنع القـرار في بلادهم، كما كانوا يشـتغلون بالشـئون المـالية
المتقدمة. ولكن، ابتداءً من القرن السابع عشر، بدأ صعود الإشكناز عددياً ثم
ثقافياً. وقد وصف بن جوريون السفارديم
بأنهم متخلفون ينقصهم التعليم والاستقلال واحترام الذات ويجب أن يجتهدوا للحصول
على المميزات العقلية والمعنوية لليهود الاشكناز الذين خلقوا الدولة. ويبقى اليهود
الشرقيون عمومًا خارج بوتقة المجتمع الإسرائيلي وذلك بسبب تدني المستوى المعيشي وممارسة
الاشكناز الاضطهاد ضدهم في ميادين العمل والتعليم.
وتتسم العلاقات في المُستوطَن الصهيوني بين الشرقيين والسفارد من
جهة، والإشكناز من جهة أخرى، بالتوتر الشديد، فيشير الإشكناز للشرقيين بوصفهم
«شفارتز» (أي «سود» أو «شحوريم»، مع تحميل الكلمة إيحاءات قدحية)، وهناك مَثَل
يديشـي يقول " فرانك كرانك "، أي «السفارد مرض»، والرد الشرقي السفاردي
هو الإشارة إلى «الإشكي نازي» بكل تداعيات الكلمة في الذهن الإسرائيلي. ويبدو أن
التمييز العنصري مستمر بالنسبة لأبناء اليهود الشرقيين ممن وُلدوا ونشأوا في
إسرائيل. وقد اتضح هذا في النظام الحزبي في إسرائيل، فقد ظهرت فيه الأحزاب الإثنية
بعد إعلان الدولة الصهيونية، وقد أعلن الصهاينة حينذاك أن هذا أمر مؤقت وأن
الصهيونية ستصهر الجميع في بوتقة واحدة. ولكن ظهر في التسعينيات أحزاب تعبِّر عن
الانقسام الإثني فيضم حزب شاس (الديني) اليهود السفارد، أما حزب إسرائيل بعالياه
(العلماني) فيضم المهاجرين السوفييت.
إرسال تعليق
اكتب تعليقا إذا كان لديك أي تساؤل عن الموضوع