العاشق המאהב
     تدور أحداث الرواية حول أسرة
إسرائيلية تقليدية. الزوجان؛ آدم وآسيا، تعرف كل منهما على الآخر في المدرسة. ثم
تزوجا وأنجبا ولدين، أكبرهما هو يجآل، وكان لموته أثر كبير في حياة الزوجين، فقد
سبّب موته أزمة في حياتهما، وتباعد كل منهما عن الآخر، بعد أن كانا يعيشان معًأ.
عندئذٍ تظهر في حياتهما شخصية ثالثة، إنسان ضعيف غير مندمج، كان قد غادر إسرائيل،
يدعى "جبرائيل أدرياتي" ويلقب بـ "العاشق". وعلى الرغم من أنه
ابن لأسرة سفاردية عريقة، إلا أنه عاد إلى إسرائيل قبل حرب أكتوبر 1973م، كي يرتب
لجنازة جدته التي تحتضر في دار المسنين دون أن يتعرف عليها أحد([1]).
     وعندما جاء "جبرائيل أدرياتي"
لإصلاح سيارة جدته، تقرب إلى أسرة صاحب الجراج، وأصبح عاشقًا لزوجته. وعندما
اندلعت حرب أكتوبر 1973م، اختفى العاشق. وقد قام صاحب الجراج – الزوج المخدوع –
بالبحث عنه. وقد استعان في عملية البحث بشاب عربي يعمل في جراجه يدعى
"نعيم" وكان مقربًا منه، حتى أنه كان يرسله إلى بيته، وقد انتهت هذه
المهمة بالتعارف بين الشاب العربي "نعيم" وبين ابنة صاحب الجراج، وقد
تقرّب كل منهما إلى الآخر، حتى أصبحا لا غنى لأحدهما عن الآخر. وقد كان هذا الشاب
يبيت في بعض الأحيان في بيت الجدة "ڤدوتشا" التي أصيبت بالعمى من
الصدمة. وقبيل نهاية القصة يظهر العاشق في أحد الأحياء الدينية في القدس، بعد أن
هرب من الجيش في ملابس تنكرية حسيدية. ويضاجع "نعيم" العربي ابنة
"آدم" صاحب الجراج ويعود إلى قريته([2]).
إن المتعارف عليه أن
الأزواج يتصارعون مع العشاق، لكن هنا نجد أن "آدم" صاحب الجراج، يكافح
من أجل العشاق. وقد اتسع مصطلح "العاشق" أثناء الحبكة. ففي بداية الحبكة
كان العاشق "نازحًا عن إسرائيل"، ثم عاد كي ينصب شباكه، ويأسر جسد وروح
زوجة صاحب الجراج. ومع تواصل الحبكة يصبح لقب "عاشق" مناسبًا للشاب
العربي، الذي يأسر جسد وروح ابنة صاحب الجراج. لقد منح الأب للشاب العربي مفاتيح
منزله مثلما فتح منزله لجبرائيل أدرياتي، المستأصل النازح عن إسرائيل([3]).
أما
"ڤدوشتا" – الجدة – فقد كانت علاقتها بالشاب العربي "نعيم"
كعلاقة جدة بحفيدها، فقد كان نعيم مقربًا إليها، مثلما كان حفيدها المفقود مقربًا
لها([4]).
وتتزايد الغربة في
منظومة العلاقات، إذا نظرنا إلى الشخصيات على أنها ممثلة لطبقات اجتماعية معينة،
فالعربي الشاب يساعد صاحب الجراج العجوز في البحث عن جندي إسرائيلي في حرب
أكتوبرهرب من الجيش، وهو "جبرائيل أدرياتي"، العاشق، هذا الجندي ما هو
غلا نازح هارب، على الرغم من أنه ابن لعائلة سفاردية عريقة. يصطدم مدير المدرسة
"شڤاريتس" بسيارة العاشق الذي تحول في هذه الثناء إلى سائق لمجموعة
دينية متطرفة([5]).
إن رواية
"العاشق" ذات دلالة، ليس فقط لكونها أول رواية لـ أ. ب. يهوشوع (بعد
نتاج جيد من القصص والمسرحيات والروايات القصيرة)، لكن؛ أيضًا لكونها أول رواية في
الأدب الإسرائيلي الحديث تصور العربي بأسلوب واقعي محكم البناء ... وفي رواية
العاشق يقدم يهوشوع القصة كاملة بلغة واقعية، لذلك فإن استخلاص الرسالة الرمزية
سيكون أكثر صعوبة([6]).
ينضم "جبريل
أدرياتي" (العاشق) لرجال الاستيطان الاشكناز، الذين لم يعترفوا قط بعالم (قيم
الدولة الصهيونية)، أما "ڤدوشتا" السفارادية العجوز في المدينة القديمة،
فقد وجدت لغة مشتركة مع العربي الشاب، الذي حاول – دون أن ينجح فعليًا – الاندماج
في الثقافة العبرية عن طريق اقتباس بعض أشعار "بيالك" شفهيًا. إن أ. ب.
يهوشوع قد سعى في هذه الرواية أن يبرز مظاهر الغربة في حياة الاستيطان اليهودي في
أرض فلسطين، فالعربي الشاب يريد أن يتوغل في الكيان اليهودي، وأن يفهمه من الداخل.
أما "جبرائيل أدرياتي" فقد أراد أن يواصل حياته الهادئة بعيدًا عن هذا
الوجود، وأن يستمر نازحًا رحّالاً، بعيدًا عن الارتباط بأي مسئولية أو التزام([7]).
ومثلما هو الحال في
مسرحية "ليلة في مايو לילה במאי" ،
و قصة "في بداية صيف 1970 בתחילת קיץ 1970" من حيث كونهما
بزمن محدد، ومكان وأحداث اجتماعية حاسمة لمصير المجتمع المهموم، فإن رواية
"العاشق המאהב" قد ظهرت في
فترة تحول وحسم في حياة المجتمع، وهي فترة حرب أكتوبر 1973م، فيشمل زمن الرواية
الأشهر التي سبقت حرب أكتوبر والأشهر التي تليها([8]).
إن رواية العاشق في
مجملها رواية شيقة، تقرأ بأنفاس محبوسة، والرواية مليئة بالكوميديا الساخرة،
والتشخيص البشري الدقيق. ومع ذلك، فإن القارئ يشعر أن بين سطور الواقعية الساخرة
يحلق ظل النسر الكبير الجارح الذي يبسط جناحيه فوق روح وجسد المجتمع المهموم([9]).


إرسال تعليق
اكتب تعليقا إذا كان لديك أي تساؤل عن الموضوع